اللغتان: الأردية والعربية في باكستان

تضمن الدستور الباكستاني عند إنشائه عام 1973 مادة بالرقم 351 تقضي بإحلال اللغة الأردية في الدوائر الحكومية عوضا عن اللغة الإنجليزية. وكان مقررا تفعيل هذ المادة خلال 15 سنة قادمة حتى تنتهي الدوائر من تهيئة ما يحتاج لترجمة إلى اللغة الأردية.

بعد 42 عاما من الانتظار تقريبا، وقّع رئيس الوزراء الباكستاني الحالي السيد نواز شريف على مسودة تفعيل هذه المادة حالا، وأصدرت المحكمة العليا أمرا قضائيا موجها إلى جميع الدوائر الحكومية بترجمة المستندات المتعلقة بتلك الدوائر إلى الأردية. وقد نزلت هذه القرارات بردا وسلاما على الشعب الباكستاني عموما وعلى المهتمين بالأردية خصوصا.
وما يخفى على الكثيرين أن الدستور الباكستاني في المادة رقم 31 في شقها الثاني، يلزم الحكومة بتشجيع تعلم اللغة العربية وتسهيل الأمور المتعلقة بتعليمها.

كما أن هناك محاولات سبقت إقرار الدستور الباكستاني لجعل اللغة العربية لغة باكستان الرسمية، فقد نقلت جريدة “المدينة المنورة” في عددها الصادر رقم 381 بتاريخ 28 مارس/آذار 1951 عن جريدة “دون” (Dawn) الباكستانية، أن حزب الرابطة الإسلامية الإقليمي في شرق باكستان -وكانت آنذاك بنغلاديش تحت الحكم الباكستاني- أصدر قرارا بإلحاح باتخاذ العربية لغة باكستان الوطنية، وقد ذهب هذا القرار أدراج رياح الزمن.

أمر الجنرال ضياء الحق عام 1978 بجعل اللغة العربية لغة إلزامية في المراحل الدراسية، ثم تتابعت الحكومات وخفت صدى صوت هذا القرار
أمر الجنرال ضياء الحق عام 1978 بجعل اللغة العربية لغة إلزامية في المراحل الدراسية، ثم تتابعت الحكومات وخفت صدى صوت هذا القرار، وتوجد الآلاف من المدارس الدينية التي تتخذ من اللغة العربية منهجا لها حيث إنها تدرس مباشرة من الكتب العربية بالترجمة إلى الأردية.

واللغة العربية وإن كانت موجودة في المراحل الدراسية في باكستان، ليس لها ذاك الوهج الذي ينبغي، ولا ذلك النهج الذي يسر، ولا توجد جهود عربية خالصة رغم وجود تربة خصبة تقبل اللغة العربية وتجعلها شجرة مثمرة.
نشر اللغة العربية في باكستان له فوائد جمة على الصعيدين الباكستاني والعربي اقتصاديا وسياسيا ودينيا، وسيكون التواصل الفعلي بين باكستان والبلدان العربية عموما والخليجية خصوصا سهلا، إضافة إلى أن القضايا الإقليمية التي تهمنا ستصل بوضوح أكثر. وقد بات الإعلام يشكل عصبا رئيسيا في بلورة الأفكار والتقريب بينها، كما أن الفراغ الذي تركته العربية تركته للغة وثقافة أخرى لتتخذه مدخلا للتقوقع والتأثير الإعلامي والسياسي والثقافي.

نحن في باكستان نتمنى كثيرا أن تكون هناك جهود عربية لنشر اللغة العربية وثقافتها بشكل منهجي عبر الجامعات التعليمية والفعاليات الثقافية والإعلام، خصوصا أن الواقع مهيأ لقبول هذه اللغة، والأرض خصبة لزرع بذورها ومن ثم حصاد ثمارها.